مليشيا الحوثي ترفض عروض أسعار مخفّضة لشركات تجارية كهربائية ونفطية لتزدهر شركاتها "تقرير"

منذ الوهلة الأولى لانقلابها المسلح على النظام الجمهوري في العاصمة صنعاء، وهي تكرس جهودها ضد المواطن وخدماته، فبعد أن اقصت الموظفين من المناصب وحرمتهم من مرتباتهم، إلا من حظي بصك الانتماء إلى عائلة من سلالتها، ركزت على تأميم مؤسسات الدولة، وباتت في سنوات قليلة صاحبة اكبر قوة اقتصادية في البلاد، فالكهرباء على ابسط مثال، باتت حلما بعيد المنال، بعد أن كان المواطن يبتاع الكيلوات وات الواحد من الحكومة بستة ريالات فقط لا غير..

رفضت مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران عروضا قدمتها ثلاث شركات تجارية كهربائية احدها للخدمات النفطية لتزويد المواطنين في مناطق سيطرتها بالكهرباء والوقود بسعر مخفض للتخفيف عن معاناتهم.

وحصلت وكالة خبر، على وثيقة عرض سعر قدمته شركة "الهردي للتجارة والخدمات النفطية" لبيع النفط الروسي لشركة النفط اليمنية الخاضعة لسلطة المليشيات الحوثية بواقع 250 $ للطن الواحد.


وأكدت مصادر في شركة النفط الخاضعة لإدارة الحوثيين، ان قيادة المليشيا بالشركة رفضت العرض واقرت الاستمرار بالتعامل مع شركات تجارية للخدمات النفطية مملوكة لقيادات عليا تتبع الجماعة، وتقوم ببيع النفط للشركة بواقع 500 دولار للطن الواحد، مما يضاعف سعر صفيحة البنزين، ويثقل كاهل المواطن.

وتبيع مليشيا الحوثي، الوقود المستورد عبر شركة النفط الخاضعة لسيطرتها، بـ 9,000 ريال، للصفيحة 20 لترا، كآخر تعرفة رسمية تم الإعلان عنها، بدلاً عن التسعيرة التي أقرتها حكومة باسندوه عام 2014 حينما أضافت «500ريال» على سعرها، لتصبح بـ 3500 ريال وهي الحجة التي استغلتها المليشيا -انذاك- تحت شعار إسقاط الجرعة السعرية، وفرضت حصارا على صنعاء تمهيدا لانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م.

وكشفت الوثائق استغلال الدائرة التجارية في شركة النفط الحوثية، للحرب التي تشهدها البلاد، وبيعها الطن من النفط بمبلغ 500 دولار، في الوقت الذي ترفض عروض شركات أخرى بـ250 دولار، عبر شركة المنتاب للصرافة التي أسسها خمسة من كبار تجار النفط (حوثيين) والمسيطرين على السوق بدعم من مسؤولي الفساد بشركة النفط.

يأتي ذلك في الوقت الذي يتواصل فيه تدفق سفن الوقود إلى ميناء الحديدة الخاضع لها، وفقاً لبنود الهُدنة التي ترعاها الأمم المتحدة منذ مطلع أبريل الماضي في ظل رفضها الوفاء بالتزامتها ودفع رواتب الموظفين.

وحسب تقارير حكومية، فإن عائدات رسوم السفن النفطية الواصلة الى ميناء الحديدة خلال ستة أشهر من عمر الهدنة الأممية، بلغت 300 مليار ريال.

وتحتسب مليشيا الحوثي ما تسميها عمولة شركة النفط (شركة حكومية) ورسوم تخزين بواقع 210 ريالات عن كل 20 لترا مشتقات نفطية.

وفي السياق، رفضت مليشيا الحوثي عروضا قدمتها شركتان تجاريتان للكهرباء، بسعر مخفض في اصرار منها على تنغيص الحياة المعيشية للمواطنين ومضاعفة معاناتهم.

وحصلت وكالة خبر، على نسخة من مذكرة صادرة من مكتب القيادي الحوثي "أبو عمار العزي" موجهة الى زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي تتضمن عرضا بتوفير الطاقة الكهربائية للمواطن باسعار مناسبة.

وبحسب المذكرة، فإن الشركة تدعى" كار باور شيب" وهي احدى الشركات العاملة في مجال توليد الطاقة الكهربائية وباستطاعتها تغطية مساحات كبيرة من اليمن مبدئيا حتى تصل لتغطية اليمن بشكل كامل وباسعار مناسبة، وقدرة انتاج الشركة 4100 ميجا و4400 ميجا تحت الانشاء، وتغطي 12 دولة حول العالم.


وقال القيادي العزي:"انه تعرف على تاجر يدعى يعقوب يوسف عبدالودود من ابناء تعز عبر الأخ أسامة الأسودي في عام 2019 وابدأ استعداده بادخال سفينة عائمة تحمل مولدات كهرباء تستطيع تغطية اليمن على مراحل وهي تتبع الشركة ذاتها وانه التاجر أوضح ان الشركة تتعاقد مع الدول مباشرة ولاتقبل وسطاء".

وأضاف، "وفي حين كان الكيلو الوات يباع للمواطن بسعر 300 الى 350 ريال في عام 2019م استعد المذكور بتوفيره عبر الشركة بسعر 164 سنت من الدولار للكيلو وات ساعة يعادل 100.12 ريال في حالة توليد 240 ميجا وبسعر 0.123 سنت دولار يعادل 75.09 ريال في حالة توليد 500 ميجا".

وشكا القيادي الحوثي في مذكرته من تواصله وتنسيقه مع المذكور مع وزارة الكهرباء ورئيس الوزراء ووزير المالية ومدير عام المؤسسة العامة للكهرباء ولكن دون استجابة ونشر مرفقات تؤكد ذلك.


ولفت القيادي العزي، انه في نهاية عام 2021 وبداية 2022 مع الحصار الخانق وارتفاع سعر الديزل حتى وصل سعر الكيلو  450 ريال التقى بالمذكورين اعلاه وتواصلوا بوزارة الكهرباء عن سبب عدم التعاقد مع الشركة المذكورة وكان لديهم بعض الاعذار تم حلحلتها ومعالجتها في حينه بالتنسيق مع يوسف يعقوب، على امل سرعة انجاز العقد والسماح للشركة ببدء العمل للتخفيف لحالة المواطن لكن للأسف لم يتم ذلك.

وتابع مخاطبا زعيم المليشيا، وفي هذه المرحلة تم التواصل بكم لحل الاشكال مع الدولة علما بأن الكيلو يباع للمواطن من 320 الى 350 ريال تجاري والحكومة تبيعه بـ 300 ريال وتدعي مع ذلك الخسارة.

وقال القيادي الحوثي العزي، انه تم التواصل بمكتب المشاط وتم الاتفاق مع المستثمر يعقوب على توقيع عقد يزيد عن ثلاث سنوات طويل او قصير مشروط بنقطتين هما:-

- اولا: اذا استغنت الدولة بنفسها عن غيرها فلها الحق في الغاء العقد حتى قبل انتهاء مدته، وقد أبدى المستثمر موافقته بهذا.
- ثانيا: اذا عرض على الدولة سعر أقل من سعرة من مستثمر آخر مثلا فاللدولة عرض الأمر عليه فإن وافق بالتخفيض أو يلغى العقد، وأبدى أيضا موافقته بشرط انه في حالة عدم قبوله بالسعر الأقل لايتم الغاء العقد الا بعد مرور ستة أشهر من تاريخ أبلاغه.

وأوضح القيادي الحوثي العزي، انه عندما تكررت متابعة الموضوع وشعروا بان الأمر جدي لاحظنا تغيرات طرأت على المستثمر يعقوب بتنصله عن بعض الأشياء ورفع تسعيرة جديدة .. الخ، ومن خلال متابعة الوسيط أسامة الاسودي للموضوع اتضح بأن على المذكور ضغوطات باعطاء نسب معينة لأشخاص نافذين في الدولة - في اشارة لقيادات المليشيا.

ونوه القيادي العزي، ان احد التجار يدعى "ياسر" (لم يذكر اسمه كاملا) عرض عليه الموضوع وابدى استعداده التام للقيام بذلك خدمة للمواطن وأفاد بانه مستعد للتنازل عن 70% من الأرباح التي كانت ستعطى للمستثمر يعقوب وذلك لاصلاح مؤسسة الكهرباء بشرط ان يكون عضوا مشرفا على ذلك واقتنع باستلام 30 % من الأرباح المذكورة، وانه شكر مبادرته ووعده بتعويضه في مجالات تجارية أخرى.

وذكر القيادي العزي، ان التاجر ياسر قام بالتواصل والتنسيق مع الشركة نفسها "كار باور شيب"، وابدى استعداده، وطلب منهم، "حسب طلب الشركة تشكيل وتكليف لجنة لغرض استكمال اجراءات التفاوض المباشر مع الشركة، وللاسف لنا اسبوع نتواصل بمكتب زعيم الجماعة ووزارة الكهرباء دونما أفادة اما مكتب الرئيس المشاط فلم يعد يرد علينا"، - حد قوله.

وطالب بتشكيل لجنة من مختص وزارة الكهرباء إلى جانب "ياسر" للتواصل والتنسيق المباشر مع الشركة واستكمال اجراءات التعاقد.

رفض حوثي

وفي عرض مماثل، قالت شركة نمارق للاستثمار، في بيان لها، وجهته لزعيم المليشيا والقيادي مهدي المشاط، إنها قدمت -مسبقا- عرض سعر اقتصادي لمسؤولي وزارة الكهرباء والطاقة، عدة مرات، وقامت بمقابلة مسؤولين فيها وارسال نسخ لعدة جهات في حكومة صنعاء ولم يتخذ اي اجراء حتى الآن، لتوفير الطاقة الكهربائية عبر محطة عائمة وغيرها بقدرة لا تقل عن 50 ميجاوات، وتصل إلى 2000 ميجا وات وأكثر، بحسب الاحتياج وقدرة شبكة الربط التي سيتم توفيرها بحسب طلب الجهات الحكومية.


وأوضحت الشركة المملوكة لرجل الأعمال ياسر مصلح اللوزي، ان سعر التأجير والتكلفة التقريبية شامل الوقود للكيلو وات ساعة بسعر الصرف (550 ريال لكل دولار)، وحددت ان محطة قدرتها 50 ميجا وات - 120 ميجا وات سيكون سعر الكيلووات/ ساعة فيها بـ88 ريالا يمنيا شاملا الوقود، ومحطة قدرتها 240 ميجا وات سيكون سعر الكيلووات 77 ريالا يمنيا شاملا الوقود، ومحطة قدرتها 500 ميجا وات وما فوق سيكون سعر الكيلووات مايعادل 66 ريالا يمني شاملا الوقود.

وذكرت، أن هذا السعر للوزارة، وبدورها تحدد سعر البيع للمواطن، مشيرا إلى ان هذه الاسعار ستكون ثابتة خلال فترة التعاقد التي لايجب ان تقل عن عامين قابلة للتجديد، مالم يكن هناك تغييرات في اسعار الوقود، وان وجدت اسعار اقل من الشركة ستقوم بالتخفيض او بإمكان الوزارة الغاء العقد.


وافادت الشركة بان مميزات العرض ستخفف من اعباء المواطن ومؤسسة الكهرباء، بالمقارنة بين تكلفة اسعار الكهرباء الحالية وعرض سعرها، (بحسب مقابلة التلفزيونية في قناة المسيرة مع هاشم الشامي حيث ذكر بان تكلفة الكيلو وات مايقارب 386 ريال يمني ويتم البيع للمواطن بسعر 285 ريال يمني لكل كيلوا وات / ساعة).

وبموجب ماقدمته شركة نمارق للاستثمار من عرض، وجه رئيس حكومة الانقلاب عبدالعزيز بن حبتور، خطابا إلى منتحل صفة وزير الكهرباء محمد احمد البخيتي، طالبه بالاطلاع على العرض ودراسته بعناية والنظر في امكانية الاستفادة منه وبما يكفل توفير الطاقة الكهربائية للجهات الخدمية والمواطنين باقل الاسعار وهو بدوره وجه مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء هاشم الشامي، بتكليف فريق عمل متخصص لدراسة العرض دراسة فنية ومالية.


لكن المسؤولين الحوثيين البخيتي والشامي، والأخير سعد الرجل الأول المتحكم في شؤون الوزارة، الرجل الأول بوزارة الكهرباء، لم يبديا أي تجاوب حقيقي مع عرض الشركة، وتحججا بإنه لم يشمل عرضا فنيا، باستثناء تكلفة الكيلو وات/ ساعة بناء على حجم القدرة التي سيتم التعاقد عليها، مشترطين دراستة مبدئيا عقب تقديمه متكاملا فنيا وماليا وتجاريا.

ويرى مراقبون، ان تعامل قيادة مليشيا الحوثي مع عرض شركة نمارق، وردها يعبر عن رفضها له ضمنيا، وان طلبها تقديم عرضا متكاملا فنيا وماليا وتجاريا ومعرفة النفقات والصرفيات للشركة، غير منطقي، ومحاولة للتملص والهرب، لغرض افشال المقترح، وعرقلة اي جهود من شأنها تخفيف معاناة المواطنين إثر انقطاع الكهرباء الحكومي، وارتفاع اسعارها لصالح هوامير وقيادات حوثية من ملاك الشركات الخاصة المتحكمة حاليا، في سوق الكهرباء، واستغلالها حالة تقييد سلطات المليشيا حريات المواطنين، وعدم السماح لهم بالاعتراض والاحتجاج على انعدام الخدمات ككل.

إتاوات وجبايات

وفي السياق، أكدت مصادر مطلعة في مؤسسة الكهرباء بصنعاء لوكالة خبر، ان مليشيا الحوثي تفرض لصالحها 30 ريال على كل كيلو وات، يُباع عبر شركات توليد الكهرباء التجارية المستأجرة للمحطات الحكومية، علاوة على فرضها اتاوات وجبايات مالية باهضة مستمرة عليها من وقت الى آخر.

وسبق دعت النقابة العامة للمحطات التجارية في وثيقة لها، الحوثيين إلى تسليمها جميع محطات وشبكات المؤسسة العامة للكهرباء، وتعهدت ببيع الكهرباء للمواطنين بسعر 150 ريال لكل كيلو وبدون أي اشتراكات شهرية.

وفي العام الفائت، أبدى عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء ‫سلطان العرادة‬، استعداده لإيصال كهرباء الطاقة الغازية إلى  صنعاء‬ الخاضعة لسيطرة ذراع إيران.

وتحدى العرادة في لقاء مع برنامج بلاقيود على قناة BBC: "المليشيات الحوثية بقبول ذلك"، مضيفاً: "وقد عرضت ذلك في عام 2016 عبر وساطة مستقلة لكن المليشيات الحوثية رفضت ذلك".

وقامت مليشيا الحوثي بتسعّير الكهرباء الحكومية بذات الكلفة التجارية وتسليمها لتجار ومستثمرين، وتتاجر بالشبكة الحكومية للإثراء والتكسب؛ كعادتها في استغلال وخصخصة كل خدمة حكومية مرتبطة بالمواطنين، في ظل ظروف معيشية صعبة يعانيها السكان.