"بسبب موقف يصعب تغييره".. الجزائر وإسبانيا تتكبدان خسائر فادحة

تتكبد الجزائر وإسبانيا خسائر تقدر بمئات ملايين اليوروهات جراء اندلاع أزمة سياسية قبل نحو 70 يوما، طالت العلاقات التجارية، فيما يتوقع مراقبون أن تطول الأزمة لأنها مرتبطة بموقف سياسي يصعب تغييره.

"كل شيء توقف" وفق ما تنقل صحيفة "إندبنتي" الإسبانية، التي أشارت في تقريرها إلى أن "القلق يتزايد بين رجال الأعمال الإسبان والجزائريين المتضررين من الشلل في العلاقات، الذي وصل إلى يومه 70" الأربعاء.

وفي آخر خطوة في الأزمة الحالية، استثنت الجزائر سفارتها في مدريد من حركة في سلكها الدبلوماسي أجرتها الاثنين الماضي، إذ نقلت سفيرها في مدريد إلى باريس بعدما كانت سحبته مؤقتا، في مارس الماضي، احتجاجا على خطوة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز تأييد خطة الحكم الذاتي في الصحراء.

ويرى المحلل الجزائري المعارض، وليد كبير، في حديث لموقع "الحرة"، أن استثناء الجزائر لمدريد من التغيرات الدبلوماسية الأخيرة، ونقل سفيرها السابق في إسبانيا إلى العاصمة الفرنسية، باريس، يشير إلى أن الأزمة لاتزال مستمرة.

أما المحللل الإعلامي الجزائري، حكيم بوغرارة، فيربط كل هذه التداعيات بتغير الموقف الإسباني من الصحراء الغربية.

ويقول بوغرارة في حديث لموقع "الحرة" "الأزمة الجزائرية الإسبانية مرتبطة بما قامت به إسبانيا بشأن قضية الصحراء الغربية دون مبررات واضحة حسب الجزائر ودون سابق إنذار، وهو ما اعتبرته الجزائر إخلالا بالمواثيق الدولية ومسؤولية مدريد التاريخية والأخلاقية في القضية، ومنه ضرب أسس معاهدة  الصداقة وحسن الجوار التي تنص على التشاور".

كل شيء توقف

يقول منصف بودربة، رئيس جمعية الخزفيين الجزائريين لصحيفة "إندبنتي" الإسبانية "كل شيء مغلق"، وهو نفس الجواب الذي تلقته الصحيفة في الجانب الإسباني، إذ أن شركات السيراميك الإسبانية في إقليم ليفانتي تشتكي من توقف أعمالها وتدرك أنها "قضية دبلوماسية" ولا يفهمون كيف سيتم حلها.

الحل بالنسبة لوليد كبير هو في تغيير إسبانيا لموقفها من الصحراء. ويوضح أن " الجزائر تشترط تراجع إسبانيا عن موقفها بخصوص الصحراء، والذي أعلنت عنه في شهر مارس الماضي".

ويستبعد كبير أن تتراجع إسبانيا، لأن موقفها من الصحراء هو "موقف دولة وليس موقفا خاصا بالحكومة الإسبانية أو رئيسها"، ولذلك يتوقع أن تطول الأزمة.

وأقرت مصادر من وزارة الشؤون الخارجية الإسبانية لصحيفة "إندبندتي" أن الأزمة مستمرة ولم يتم إحراز تقدم في حلها.

مفاوضات فاشلة

تنقل الصحيفة أن المفاوضات بين الجانبين لرفع الحظر على التجارة لم تؤتِ أكلها، وباتت الجزائر تنتظر تغييرا في الحكومة الإسبانية لأنها "فقدت الثقة" في الحكومة الحالية التي يقودها الاشتراكي، بيدرو سانشيز، بحسب الصحيفة.

ويتفق الإعلامي بوغرارة أن "المؤشرات تقول إن الأزمة ستطول إلى غاية 2023، تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية، التي قد تفضي إلى تغيير رئيس الوزراء، والحكومة، ومنه مراجعة مواقف بيدرو سانتشيز، وخوسي مانويل ألباريس وزير الخارجية" بشأن الصحراء الغربية.

ويقول بوغرارة في حديث لموقع "الحرة" إن "إسبانيا خسرت الكثير في الجانب الاقتصادي والتجاري خاصة في مجالات السيراميك والأسماك واللحوم ومنتجات نسيجية، وهو ما جعل الغرف الصناعية الإسبانية تشتكي من تراجع الصادرات نحو الجزائر، ومنه خسارة ثاني زبون تجاري لإسبانيا في أفريقيا، حيث كانت الصادرات الإسبانية نحو الجزائر تتراوح بين 1.5 مليار أورو ومليارين، وبحجم مبادلات وصل إلى 8 مليار أورو".

ولا تزال الخسائر الاقتصادية تتراكم دون أفق للحل، ووصلت خسائر السيراميك إلى 30 مليون يورو في القطاع الإسباني، أما على الجانب الجزائري تتوقع الدائرة الإسبانية الجزائرية أن تصل الخسائر إلى 650 مليون يورو، وهو تقدير يستند إلى أرقام صادرات من إسبانيا تم تسجيلها العام الماضي، وفق تقرير الصحيفة الإسبانية.

والمنتج الوحيد الذي استثني من الحظر هو الغاز رغم أن واردته من الجزائر إلى إسبانيا انخفضت أيضا بشكل كبير.

ويرى وليد كبير في حديثه لموقع "الحرة" إن تخفيض كميات الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر إغلاق الأنبوب المغاربي الأوروبي، كلف الجزائر التأثير الذي كانت تمارسه في القرار السياسي الأوروبي.

ويقر وليد كبير أنه رغم كل هذه الضبابية في العلاقات يمكن أن ينتهي الأمر وتعين الجزائر أو تعيد سفيرها إلى مدريد إن تأكدت أن إسبانيا لن تتراجع عن موقفها بخصوص الصحراء.

والجزائر غاضبة من إسبانيا منذ أن قرر رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز في مارس دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة، لإنهاء أزمة دبلوماسية بين مدريد والرباط استمرت نحو عام.

وكرد فعل، علقت الجزائر في 8 يونيو الماضي معاهدة الصداقة، ثم منعت الرابطة المهنية للبنوك والمؤسسات المالية  جميع المعاملات مع إسبانيا.