مجلة أمريكية: الهدنة عززت موقف الحوثيين عسكرياً واستهداف ميناء الضبة النفطي تصعيد خطير

قالت مجلة أمريكية، إن الحوثيين يشعرون أنهم استفادوا من أشهر الهدنة الستة التي انقضت في تعزيز موقفهم واستعادة ما يكفيهم من قوة، دون تقديم أي تنازلات من طرفهم، معتبرة استهدافهم لميناء الضبة النفطي (شرقي اليمن)، تصعيداً خطيراً، ودلالات جولة جديدة من الحرب، التي أعدّت لها المليشيا عسكرياً.

وقالت مجلة "DAWN" الأمريكية، في تقرير لها، إن "هجوم الحوثيين الأخير بطائرة بدون طيار في 21 أكتوبر على محطة الضبة النفطية في محافظة حضرموت، أول تصعيد خطير منذ انهيار الهدنة، مما زاد من اندلاع حرب شاملة مرة أخرى".

وذكر التقرير، أن الحوثيين "رفضوا رفع حصارهم الطويل عن تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن، مما جعل مغادرة سكان المدينة أمرًا خطيرًا في الحصول على الرعاية الطبية والمساعدات".

وأشار إلى أن "الوضع في تعز المحاصرة على وجه الخصوص، وعدم إحراز تقدم في القضايا الخلافية الأخرى - مثل إدارة الدخل والرواتب للموظفين العموميين، الذين لم يتقاض آلاف منهم رواتبهم منذ سنوات" أدى إلى "انتهاء الهدنة في نهاية المطاف".

ولفت التقرير إلى أن الأمم المتحدة التي لم تحرز أي تقدم في اتفاق رعته في مملكة السويد في ديسمبر 2018م بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين، باتت تطالب حالياً بمعية "الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى في المجتمع الدولي بإعادة الهدنة".

لكن الحوثيين يرون بأن الهدنة كانت مناسبة لهم، حيث انتزعوا فوائد كبيرة من الهدنة، مع الهدوء الذي سمح لهم بالاستعداد لاستئناف القتال وتحصين مواقعهم على جبهات مختلفة. وفقا للتقرير.

مشيراً إلى أن الحوثيين "يشعرون الآن أنهم استعادوا ما يكفي من القوة بحيث يمكنهم الاستفادة من انتهاء الهدنة أكثر من تمديدها".

تصعيد متعمد

وأورد تقرير المجلة آراء عديد خبراء ومختصين في الشأن اليمني، أكدت جميعها سعي الحوثيين في مواصلة الحرب، عوضا عن المفاوضات، لأنهم يشعرون أنهم استفادوا من ستة أشهر انقضت من الهدنة التي انتهت في الثاني من أكتوبر الجاري، في تعزيز موقفهم العسكري، وأن مواصلة الحرب ستوفر لهم مناخا أفضل. وهو ما دفعهم إلى رفض مبادرات أممية متتالية.

وقال توماس جونو، الأستاذ المشارك في كلية الدراسات العليا للشؤون العامة والدولية بجامعة أوتاوا: "من وجهة نظر الحوثيين، من المنطقي السعي لمواصلة الحرب وتأجيل المفاوضات الجادة، لأنهم يعتقدون أن تسوية أبعد من ذلك ستوفر لهم ظروفًا أفضل من اليوم".

تنازلات كبيرة

إليزابيث كيندال، الخبيرة في شؤون اليمن في كلية جورتون بجامعة كامبريدج البريطانية شاركت نفس رأي جونو وقالت: "يبدو أن الحوثيين يشعرون بأن موقفهم قد تعزز خلال الأشهر الستة الماضية منذ تنفيذ الهدنة لأول مرة"، مضيفة: "الحكومة اليمنية والتحالف قدموا تنازلات كبيرة، مثل وقف الضربات الجوية، وفتح مطار صنعاء لبعض الرحلات التجارية، والاعتراف بجوازات السفر الصادرة عن الحوثيين، والسماح بدخول المزيد من سفن الوقود".
وأشارت كيندال إلى أن الحوثيين "استفادوا من الهدنة بينما قدموا القليل من التنازلات، والأهم من ذلك أنهم رفضوا مقترحات متتالية للأمم المتحدة لفتح طرق تعز".

ووفقاً لـ"كيندال"، "كان تصعيد الحوثيين في الفترة التي سبقت الموعد النهائي لتجديد الهدنة غير واقعي في غياب عملية سلام منظمة، حيث بدا ذلك وكأنه محاولة متعمدة من قبل الحوثيين لإعادة تصعيد النزاع".

ولفت التقرير إلى أن مليشيا الحوثي "لم تقدم التنازل الأهم خلال فترة الهدوء التي استمرت ستة أشهر: وهو تخفيف حصار تعز - إحدى النقاط الرئيسة في اتفاق الهدنة، حيث أظهر ذلك ضعف النفوذ الدولي على الحوثيين". لا سيما والحكومة المعترف بها دوليا قدمت ما يخصها من تنازلات مثل فتح العديد من الرحلات أمام مطار صنعاء، ورفع القيود عن دخول السفن موانئ الحديدة.

ويرى التقرير أن حرب روسيا وأوكرانيا أضرت اليمن بشدة.

وذكر أن الضرر المترتب على هذه الحرب يأتي "من خلال قطع الإمدادات الغذائية الرهيبة بالفعل مثل القمح، حيث اعتمد اليمن على أوكرانيا للحصول على 40 في المائة من حبوبه. أصبحت واردات الحبوب والأغذية من البلدان الأخرى أكثر تكلفة، إلى جانب أسعار الوقود".

ويرى التقرير أن هذا الضرر ألقى "بثقله على المدنيين اليمنيين الذين ما زالوا يعانون من الجوع وسوء التغذية وآثار أخرى للحرب"، مستدلا بإعلان الأمم المتحدة في الشهر الماضي أنها لم تحصل إلا على "ملياري دولار فقط من حوالي 4.3 مليار دولار تحتاجها لتقديم مساعدات إنسانية منقذة للحياة لحوالي 18 مليون يمني".

وفي هذا الشأن نقل التقرير عن شيرين الطرابلسي مكارثي، مديرة برنامج NatCen International، العالمي للسياسة الاجتماعية في المركز الوطني للبحوث الاجتماعية في المملكة المتحدة قولها: "لتجنب كارثة إنسانية أسوأ، يجب على وكالات الأمم المتحدة والمانحين في الدول الغربية العمل على إيجاد حلول للقضايا السياسية المعلقة في اليمن على أمل ضمان سلام دائم، وليس مجرد هدنة".

وأشارت إلى أن "إعادة الهدنة دون ضمان وجود خارطة طريق واضحة لحل النزاع هي مجرد وسيلة إضافية أخرى للأزمة اليمنية".